لا عقود مع شركات التبغ الإماراتية في الجزائر
دعت وزارة العدل الموثقين لوقف إبرام عقود مع “الشركة المتحدة للتبغ” و”الشركة الجزائرية الإماراتية للتبغ”، المختصتين في إنتاج وتوزيع التبغ، كإجراء تحفظي، بهدف وضع حد لجميع العمليات المشبوهة.
بلغت الغرفة الوطنية للموثقين، نهاية الأسبوع الماضي، بناء على مراسلة من وزارة العدل، رؤساء الغرف الجهوية، بمنع إبرام عقود أو أي معاملات أخرى مع الشركتين المختلطتين “UTC” و”STAEM”، سواء تعلق الأمر بالأشخاص المعنويين أو الطبيعيين، مع إلزام الغرفة الوطنية للموثقين لرؤساء الغرف الجهوية بتبليغ هذه التعليمة إلى كافة الموثقين عبر التراب الوطني.
وتأتي هذه التعليمة الموجهة للموثقين بعد تذمر السلطات الجزائرية من الطرف الإماراتي بسبب إخلاله بالتزاماته في الاتفاق الموقع عام 2005، والذي بموجبه قام بالدخول في شراكة مع الجزائر، حيث كان متوقعا أن يعمل الإماراتيون على تطوير قدرات شركة التبغ وجعل الجزائر بلدا مصدرا للمنتوجات التبغية، خصوصا نحو أوروبا وإفريقيا.
وهو الأمر الذي لم يحدث إطلاقا، ويوحي بوجود شبهة تهريب ملايين الدولارات في قطاع التبغ وتحويلها إلى الخارج، مما كبد الجزائر خسائر بالملايير لأزيد من 20 سنة.
وكان وزير الاقتصاد في دولة الإمارات سلطان بن سعيد المنصوري، قد صرح عام 2008 أن حجم الاستثمارات الإماراتية في الجزائر سيفوق 50 مليار دولار في السنوات الخمس القادمة، ولكن بعد أكثر من عشر سنوات لم يتجاوز سقف 5 مليارات دولار، فما هو مصير 45 مليار دولار؟
وخلال فترة حكم بوتفليقة، ارتبط جزء خفي من علاقة رجل أعمال إماراتي بمستشار شخصي للرئيس السابق، إذ وبقدوم هذا الملياردير إلى الجزائر عام 2004، كانت أولى الشبهات التي حامت حول نشاط هذا الأخير هو عملية تفكيك الشركة الوطنية للتبغ والكبريت “SNTA” في 2005، وهي شركة عمومية مملوكة للدولة، وكانت شركة رابحة توفر مداخيل مهمّة للخزينة العامة، وأسس تبعا لذلك شركة أطلق عليها اسم “الشركة الجزائرية الإماراتية للتبغ “STAEM”تنشط في تصنيع سجائر من العلامات التجارية العالمية في الجزائر.
وبموجب هذه الشراكة، أصبحت للشركة الوطنية للتبغ والكبريت الجزائرية نسبة 49 بالمائة، وللمستثمر الإماراتي “يونيون توباكو كومباني” 49 بالمائة، أما نسبة 2 بالمائة المتبقية فآلت لشركة مالية تابعة لوزارة المالية الجزائرية، لتقوم بعد ذلك الجهة الإماراتية باستغلال ثغرات في العقود والتلاعب بالإجراءات، لتصبح حصتها تمثل الأغلبية في الشركة المختلطة، بنسبة 51 بالمائة من أسهمها، وهو ما يعتبر تلاعبا كبيرا لنهب المال العام.
ودفع قرار وزارة العدل الأخير مراقبين إلى التساؤل: هل قررت الحكومة الجزائرية التخلص من التبعية للإمارات فيما يتعلق بالصناعات التبغية، وهل تعتزم تشجيع المشاريع التي يحملها جزائريون من دون وجود شريك أجنبي؟ مع إعطاء الأفضلية لرأس المال الوطني وأصحاب المشاريع المحليين، من خلال السماح لهم بالاستثمار في تصنيع منتوجات التبغ بجميع أنواعها.