تعليمات صارمة لمدراء البنوك بتسهيل استيراد المواد الأولية ومنع أي عرقلة لها مع دعم المستثمرين
وجّه وزير المالية، لعزيز فايد، 7 تعليمات صارمة لمديري البنوك العمومية يحثّهم من خلالها على بذل المزيد من الجهود لاسترجاع الأموال النائمة في السوق السوداء وتقديم حصيلة دقيقة ودورية بخصوصها أمامه في اجتماعات تُعقد في كل مرة، وأن لا تتعلّق هذه الأموال بالتحويلات ما بين البنوك، وإنما تكون حصيلة لـ”إقناع المواطنين والمتعاملين بالعروض والخدمات البنكية والثقة بها”.
وترتبط التعليمة الثانية بتسهيل استيراد المواد الأولية ومنع أي عرقلة لها، وهذا استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في مجلس الوزراء الأخير، والذي أكّد من خلاله أن الدولة تمنع الاستيراد في حالات خاصة جدا، تتعلّق بحماية المنتوج الوطني والموارد بالعملة الصعبة وتتيحه في ما عدا ذلك، لاسيما حينما يرتبط الأمر بالمواد الأوّلية الموجّهة للتصنيع.
أما التعليمة الثالثة، فتتعلّق بالدرجة الأولى بتسهيل عملية تموين السوق، في حين ترتبط التعليمة الرابعة بمرافقة المستثمرين وأصحاب المشاريع وتقديم كل التسهيلات لهم لنجاح استثماراتهم وهو ما يندرج في صلب برنامج رئيس الجمهورية.
ممنوع أي عرقلة لاستيراد المواد الأوّلية وإلزامية ضمان تموين السوق
كما تتضمن التعليمة الخامسة لعب البنوك دورا استشاريا مع رجال الأعمال حيث تقدّم لهم التوجيهات اللازمة والنصائح المرتبطة بالاستثمار، وأن لا تكتفي فقط بمجرد تسيير عمليات منح القروض والاقتراض وانتظار الفوائد أو الأرباح المالية.
وتتعلّق التعليمة السادسة بالمسارعة إلى إيداع تصريحات ضد أي عمليات مالية مشتبه فيها وجعلها أولوية، في حين تخص التعليمة السابعة الاستفادة من التجارب السابقة وابتكار حلول جديدة ومختلفة لجذب استثمارات ذات مردودية وتقديم عروض مغرية ترفع خزائن ومدّخرات البنوك وليس العكس.
دور “مستشار” مع المتعاملين وتقديم عروض مغرية للاستثمار والادخار
وفي تفاصيل تحصّلت عليها ”، فقد ترأس وزير المالية، لعزيز فايد، يوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024، بمقر الوزارة، اجتماعا تنسيقيا ضمّ المديرين العامين للبنوك العمومية، وكبار الفاعلين في السوق المالية، وممثل خلية معالجة الاستعلام المالي، والمدير العام للصندوق الوطني للاستثمار، بالإضافة إلى المدير العام للخزينة والمحاسبة، كما حضر الاجتماع ممثلون عن قطاع الجمارك.
وكان الهدف من هذا اللقاء دراسة العديد من الملفات الإستراتيجية المتعلقة بتطوير الاقتصاد الوطني، والتمويل البنكي، وتعبئة الموارد، إلى جانب إصلاح السوق المالية حيث أكد الوزير على أهمية هذه الاجتماعات التشاورية الدورية، التي اعتمدها منذ أكثر من عام، من أجل تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين في القطاع البنكي والمالي.
التصريح ضدّ أي شبهة مالية.. أولوية
وأوضح الوزير بالمناسبة، أن الاجتماع المنعقد يضمّ مجموعة واسعة من المشاركين لمناقشة مختلف كيفيات تمويل الاقتصاد وإدارة عمليات التجارة الخارجية، مشيرا إلى أن البنوك، والسوق المالية، والصندوق الوطني للاستثمار، والخزينة، والمديرية العامة للجمارك، بمشاركة خلية معالجة الاستعلام المالي، تلعب دورا محوريا في هذه الديناميكية، في حين تطرّق الوزير أيضا إلى التوعية بالمخاطر المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية، وخاصة تلك التي قد تكون موضعا لتصريحات بالاشتباه، والتي دعا إلى جعلها من بين الأولويات.
وتناول الاجتماع عدة محاور رئيسية، منها التمويل البنكي للاقتصاد وتعبئة الموارد، حيث قدّم كل بنك عرضا حول جهوده في تمويل الاقتصاد وتعبئة الموارد، وخاصة تلك التي تأتي من المدخرات خارج القنوات الرسمية، وقد شدّد الوزير على ضرورة تعبئة كل الفئات المحتملة، مع التركيز على تعزيز محاربة السوق الموازية وتوسيع الشمول الاقتصادي والمالي، وحثّ الوزير البنوك على تكثيف جهودها لتعبئة الموارد، خاصة تلك التي تُخّزن خارج النظام الرسمي.
كما دعا الوزير البنوك إلى لعب دور استشاري للمستثمرين، مشدّدا على أهمية مرافقة أصحاب المشاريع لتحقيق أهدافهم، وأوضح أنه من الضروري الاستفادة من الدروس السابقة وابتكار حلول جديدة لجذب الاستثمارات اللازمة، لتحقيق الأهداف المحدّدة في مختلف القطاعات الاقتصادية.
بنك التنمية المحلية و”جازي” في طريقهما إلى البورصة
وبخصوص إصلاح السوق المالية، تم خلال الاجتماع استعراض تقدّم عمليات إدراج بنك التنمية المحلية وشركة “جازي” في البورصة، حيث أبرز الوزير أهمية هذه المبادرات لتعزيز الشفافية وجاذبية السوق المالية، وأكد مجدّدا أن تنويع مصادر تمويل الاقتصاد، من خلال تعزيز القروض البنكية وتوسيع السوق المالية، يشكّل أولوية إستراتيجية.
وبخصوص خطة عمل الصندوق الوطني للاستثمار، قدّم المدير العام للصندوق تقريرا حول تقدّم خطة عمل تمويل المشاريع الهيكلية المخصّصة لدفع الاقتصاد، وطالب الوزير بتشكيل فرق عمل لتحسين التنسيق بين الصندوق والبنوك، بهدف زيادة تأثير الاستثمارات على النمو الاقتصادي.
أما فيما يتعلّق بتنظيم استيراد المواد الأولية، فقد شدّد فايد على أنه أمام التحدّيات المتعلقة بالاستيراد، ووفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية، على إعداد دراسة معمّقة لتحسين تنظيم وتسهيل عمليات استيراد المواد الأولية الأساسية للإنتاج الوطني، كما شدّد على أهمية تأمين تموين السوق الوطنية مع حماية الاحتياطات من العملة الصعبة.
واستمر الاجتماع بشكل مطوّل، كما تضمّن مداخلات موجزة من المشاركين، وتقديم اقتراحات لتعزيز آليات تمويل الاقتصاد وتحسين حوكمة القطاع المالي، وفي ختام الاجتماع، أكد الوزير أن عام 2025 سيكون مرحلة حاسمة للاقتصاد الوطني، في إطار الإصلاحات الهيكلية التي أطلقها برنامج رئيس الجمهورية، ومن المتوقع أن يشهد هذا العام تقدّما ملموسا في الأداء الاقتصادي وتحسين جمع الموارد المالية، سواء الضريبية أو العقارية أو الجمركية أو البنكية.